كم كانت شهية وجبة المأكولات البحرية تلك التي طلبناها، شعرنا بالثقل بعدها، فكان الشاي ضرورة اللحظة. وبانتظار الشاي، سألته “مالك يا اخي و قضايا النساء؟ أراك غالبا ما تمثل النسوة في المحاكم؟ اتبحث عن الثانية ام ماذا؟” ضحك وهو يقول ” بل انا نصير المرأة. اعشق هذا المخلوق في كل صوره، كما انها دائماً مظلومة”.
وصل الشاي، في اللحظة التي مرت بها احدى موكلاته، فنهضنا للتحية من باب اللباقة بعد ان ألقت السلام. وكم تغير صاحبي في أسلوب كلامه حين وصلت، اختفى ذلك المخلوق الفظ وحل محله رجل محترم يتحدث بهدوء وابتسامة. فمرت، ولم يمر موقفه مرور الكرام “ليتني امرأة كي تكلمني بهذه الحلاوة يا صاح”، ضحك بصوت عال على تعليقي وقال “اللباقة فرض”، فأجبته “فرض كفاية ينطبق على حواء ويسقط عن آدم؟!”.
جلسنا نحتسي الشاي، وهو يحدثني عن حياته الزوجية -التي بدأت بعد ان تجاوز ٣٧من العمر ولم تكمل عاما واحدا-، شعرت بالحزن في نبرته وهو يتحدث عن ساعات العمل الطويلة بين المكتب والمحاكم، وعودته للمنزل فيقضي الساعة الاخيرة قبل النوم وحيدا، مستلقيا على سريره البارد، محتضنا مخدته.
صاحبي هذا يعاني الخجل الشديد في علاقته بزوجته، فهو أسد في المحاكم، وفي السرير نعامة. احسده على جرأته في الاعتراف بذلك، و أشفق عليه من عدم تمكنه من الحديث مع زوجته حول احتياجاته. ولربما كان هذا السبب وراء اختياره “الموكلات” اكثر من “الموكلين”.